هل قال النبي الأكرم لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق؟
ـ هذا الحديث رواه مسلم [4997] ونُعيم بن حماد في كتاب الفتن [1677] والبزار [1222] وأبو يعلى [783] والشاشي [153] وابن الأعرابي [298] من طرق عن داود بن أبي هند عن أبي عثمان عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة“.
[داود بن أبي هند ثقة فيه لين، وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وأبو حاتم، ووثقه ابن حنبل في رواية، وقال في رواية أخرى: كان كثير الاضطراب والخلاف. وقال ابن حبان: كان من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يَهِمُ إذا حدَّث من حفظه. أبو عثمان النهدي ثقة].
فهذا الإسناد فيه لين، حيث إن داود بن أبي هند وثقه جماعة من الأئمة، لكنه قد يَوْهَم إذا حدَّث من حفظه، فيُخشى أن تكون هذه الرواية مما اضطرب حفظه فيها فجاءت بخلاف سائر روايات هذا الحديث، ولم أجد له متابعا عليها بهذا اللفظ.
ـ هذا وقد روى جماعة من الصحابة نحوا مما في هذه الرواية، وليس في رواياتهم “لا يزال أهل الغرب”.
وهذه إحدى روايات الحديث في صحيح مسلم، فقد روى في صحيحه [4988] عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله”. والروايات الأخرى بنحوها.
ـ فالظاهر أن الحديث غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ الذي في رواية سعد رضي الله عنه.
ـ أشار الإمام مسلم رحمه الله إلى عدم ثبوت اللفظ الذي جاء في هذه الرواية، حيث روى هذا الحديث عن ثوبان وعن المغيرة بن شعبة وعن جابر بن سمرة وعن جابر بن عبد الله وعن معاوية بن أبي سفيان وعن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو اللفظ الذي ذكرته عن ثوبان، وأخَّر الرواية عن سعد عن كل الروايات السابقة، وفي هذا إشارة إلى أن فيها شيئا من الخلل. والله أعلم.
وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 25/ 4/ 1447، الموافق 17/ 10/ 2025، والحمد لله رب العالمين.