حديث مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا

حديث “مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا”

رُوي هذا الحديث من رواية عبد الله بن عمرٍو وسَبْرة بن معبد وأبي هريرة وأنس بن مالك:

* فأما حديث عبد الله بن عمرو فرواه ابن حنبل وابن أبي شيبة والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود وابن أبي الدنيا في العيال والعُقيلي والخرائطي في مكارم الأخلاق والدارقطني والحاكم والبيهقي والخطيب في تاريخ بغداد من طرق بعضها عن وكيع، عن سوار أبي حمزة عن عمرِو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا بينهم في المضاجع”. جد والد عمرو بن شعيب هو عبد الله بن عمرو بن العاص.

[سوار بن داود أبو حمزة الصيرفي بصري وثقه ابن معين، وقال ابن حنبل لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ، وقال ابن حبان في المجروحين: داود بن سوار المزني أبو حمزة، يروي عن عمرو بن شعيب، قليل الرواية، ينفرد مع قلته بأشياء لا تشبه حديث من يروي عنهم، روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا بينهم في المضاجع”. وقال ابن شاهين في تاريخ أسماء الضعفاء: سوار البصري روى عنه وكيع ليس بشيء. وروى له العُقيلي في كتاب الضعفاء الكبير حديثين هذا أحدهما وقال: ولا يُتابع عليهما جميعا بهذا الإسناد، وأما حديث عمرو بن شعيب فليس يُروى من وجه يثبت. وقال الدارقطني: لا يُتابَعُ على أحاديثه فيُعتبر به. قلت: إذا قرأنا قول الدارقطني “فيُعتبر به” بفتح الراء فهذا يعني أن الفاء فاء السببية وأن المعنى هو أنه لا يُعتبر به، بالنفي، وإذا قرأناه بضم الراء فهذا يعني أن الفاء استئنافية وأن المعنى هو أنه يُعتبر به، بالإثبات. والظاهر أنه يريد المعنى الأول، لقرينة قوله “لا يُتابَعُ على أحاديثه”، وإذا قيل مثل هذا في الراوي فهو يعني التضعيف، ومات قرابة سنة 155]. فهذا الطريق لين.

ورواه ابن عدي في الكامل من طريق الخليل بن مرة عن الليث بن أبي سُليم عن عمرو بن شعيب به. [الخليل بن مرة بصري نزل الرقة ضعيف مات سنة 160. الليث بن أبي سُليم: قال ابن حجر: صدوق اختلط جدا و لم يتميز حديثه فترِك، مات سنة 148]. فهذا الطريق تالف.

* وأما حديث سَبْرة بن معبد الجهني فرواه ابن أبي شيبة وابن حنبل والدارمي والترمذي وابن خزيمة وابن أبي خيثمة وابن الجارود وابن المنذر في الأوسط والطحاوي في مشكل الآثار والطبراني في الكبير والدارقطني والبغوي في معجم الصحابة والحاكم وأبو نعيم في معرفة الصحابة من طرق، عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعا به نحوه. [عبد الملك بن الربيع بن سبرة: سئل يحيى بن معين عن أحاديث عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده؟ فقال: ضعاف. وقال ابن حبان في المجروحين: منكر الحديث جدا يروي عن أبيه ما لم يُتابع عليه. و قال أبو الحسن بن القطان: لم تثبت عدالته. أبوه الربيع بن سبرة مدني صدوق]. فهذا الإسناد ضعيف.

قال الإمام الترمذي رحمه الله في السنن بعد رواية الحديث: حديث حسن. وجاء في بعض الطبعات من السنن: حسن صحيح. وهذا خطأ، والصواب الأول، وهكذا نقله المزي في تحفة الأشراف، ولا يُعول هنا على تحسين الترمذي، فهو أحيانا من المتساهلين في التحسين والتصحيح.

* وأما حديث أبي هريرة فرواه ابن أبي الدنيا في العيال والبزار والعُقيلي من طرق عن محمد بن ربيعة عن محمد بن الحسن العوفي عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا، فإذا بلغوا عشرا فاضربوهم عليها وفرقوا بينهم في المضاجع”. [محمد بن ربيعة كوفي صدوق ثقة فيه لين. محمد بن الحسن بن عطية العوفي كوفي ضعيف، يروي عن أبيه، وأبوه كوفي مات سنة 141، وقيل بعد ذلك بفترة طويلة. محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: ذكِر في ترجمة أبي هريرة بهذا الاسم اثنان، أحدهما مجهول، والآخر محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وهذا مدني مات قرابة سنة 95، فالظاهر أن محمد بن الحسن بن عطية لم يدركه]. فهذا الطريق تالف.

وزيادة على ذلك فهو معلول بالإرسال، فقد رواه البخاري في التاريخ الكبير والعُقيلي عن مسدد عن عبد الله بن داود، ورواه ابن أبي الدنيا في العيال عن إسحاق بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد عن حسن بن صالح، كلاهما عن أبي سعيد محمد بن الحسن بن عطية عن محمد بن عبد الرحمن مرفوعا مرسلا. وقال البخاري: لم يصحَّ حديثه.

[عبد الله بن داود الخريبي كوفي سكن البصرة ثقة مات سنة 213. إسحاق بن إبراهيم بن كامجرا مروزي نزيل بغداد ثقة، ولد سنة 150 ومات سنة 245. حُميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي كوفي ثقة مات سنة 192. حسن بن صالح بن صالح بن حي كوفي ثقة مات سنة 169].

قال العقيلي بعد روايته: والرواية في هذا الباب فيها لين.

ورواه ابن حبان في المجروحين من طريق شعيب بن واقد الهروي عن عبد المنعم بن نعيم الرياحي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به. [قال ابن حبان عن عبد المنعم: منكر الحديث لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد بأوابد؟!. وشعيب بن واقد نزيل البصرة ضعيف]. فهذا الطريق تالف.

* وأما حديث أنس فرواه الحارث بن أبي أسامة والدارقطني عن داود بن المحبر عن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لثلاث عشرة”. [داود بن المحبر بصري نزيل بغداد صدوق في الأصل ثم جفا الحديث فروى المناكير والموضوعات، مات سنة 206. عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك بصري صدوق فيه لين. عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس بصري ثقة فيه لين]. فهذا الطريق شديد الضعف.

ورواه الطبراني في الأوسط عن علي بن سعيد الرازي عن أبي بكر الأعين عن داود بن المحبر عن أبيه عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس به. [علي بن سعيد الرازي صدوق ثقة فيه لين مات سنة 299. أبو بكر الأعين محمد بن أبي عتاب بغدادي صدوق ثقة ولد قرابة سنة 196 ومات سنة 240. المحبر بن قحذم بصري ضيف]. فهذا الطريق تالف.

ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة عن علي بن محمد بن عامر عن أحمد بن إبراهيم القرشي عن سليمان بن عبد الرحمن عن بكار بن عمرو بن أبي الجارود البصري عن عبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اضربوا على الصلاة لسبع، واعزلوا فراشه لتسع، وزوجوه لسبع عشرة إن كان، فإذا فعل فليجلسه بين يديه ثم ليقل لا جعلك الله علي فتنة في الدنيا ولا في الآخرة”.

[علي بن محمد بن عامر النهاوندي وثقه الخليلي مات سنة 338. أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله القرشي الدمشقي صدوق مات سنة 289. سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى الدمشقي وهو سليمان ابن بنت شرحبيل، صدوق ثقة إذا روى عن المعروفين ومات سنة 233. بكار بن عمرو بن أبي الجارود لم يذكره المزي فيمن رووا عن عبد الله بن المثنى ولا فيمن روى عنهم سليمان بن عبد الرحمن، ولم أجد له ترجمة]. فهذا الطريق تالف.

* هذا الحديث بعض طرقه ضعيفة وبعضها تالفة، والخلاصة أنه حديث ضعيف، والله أعلم.

وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 12/ 3/ 1438، والحمد لله رب العالمين.