من روائع الإمام البخاري (06) رحمه الله

من روائع الإمام البخاري (6) رحمه الله تعالى ،

 ـ روى البخاري من طريق كُريب عن عبد الله بن عباس أنه قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، فأصبح بذي الحليفة، ثم أهلَّ هو وأصحابه، ثم نزل بأعلى مكة عند الحَجُون وهو مُهِلٌّ بالحج.

وروى البخاري ومسلم من طريق طاوس عن ابن عباس أنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعةٍ مهلين بالحج.

وروى البخاري ومسلم من طريق أبي العالية البرَّاء عن ابن عباس أنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج.

ـ وروى البخاري من طريق عكرمة أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: “أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقلْ عمرة في حجة”.

ـ الروايات الثلاثة الأُوَل من طريق كريب وطاوس وأبي العالية البرَّاء عن عبد الله بن عباس في أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل يوم إحرامه بحجة الوداع بالحج مفردا صحيحة ثابتة.

ـ الرواية المروية من طريق عكرمة عن ابن عباس عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم إحرامه بحجة الوداع وهو بوادي العقيق “أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال صلِّ في هذا الوادي المبارك وقلْ عمرة في حجة” فيها جزآن:

الجزء الأول منها هو قوله “أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال صلِّ في هذا الوادي المبارك”، وهو صحيح لا إشكال فيه.

أما الجزء الثاني منها وهو قوله “وقلْ عمرة في حَجة” فهذا ليس ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خطأ لا يمكن أن يكون من رواية ابن عباس، لمخالفته للروايات الثلاثة الأُوَل الثابتة عنه والمصرحة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أهلَّ بالحج مفردا.

ـ الإمام البخاري رحمه الله أشار في صحيحه إلى إعلال هذا الجزء من رواية عكرمة، وذلك إذ روى إحدى الروايات الصحيحة الثابتة وهي رواية طاوس عن ابن عباس في باب التمتع والإقران والإفراد، وهو المناسب لها في كونها تنص على أن إحرام النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان بإفراد الحج.

وروى رواية عكرمة في ثلاثة أبواب أخرى لا علاقة لها بموضوع الإفراد بالحج والتمتع والقِران، وهي باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك، وفي باب من أحيى أرضا مواتا، وفي باب ما ذكَر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكل هذه الأبواب لها تعلق بالجزء الصحيح الثابت من تلك الرواية، أي بالوادي المبارك وادي العقيق، ولا علاقة لها بموضوع الإفراد بالحج والتمتع والقِران.

ـ مَن لا يعرف طريقة البخاري في صحيحه فإنه قد يقول إن البخاري روى أن النبي صلى الله عيه وسلم قال “أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال صلِّ في هذا الوادي المبارك وقلْ عمرة في حَجة” ويسكت على ذلك!، وهذا لا ينبغي إلا مع التنبيه إلى أن البخاري رواه وأشار إلى إعلاله.

فرحمة الله على هذا الإمام الجليل محمدِ بنِ إسماعيلَ البخاريِّ، ما أدقَّ ملحظه.

وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 29/ 12/ 1439، الموافق 9/ 9/ 2018، والحمد لله رب العالمين.