رسالة لمن يخالطون الحكام الظالمين

رسالة لمن يخالطون الحكام الظالمين

 

قال الزمخشري في كتاب الكشاف والعهدة في النقل عليه: [ولما خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين: “عافانا الله وإياك ـ أبا بكر ـ من الفتن، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمَك، أصبحت شيخا كبيرا، وقد أثقلتك نعم الله بما فهَّمك الله من كتابه وعلـَّمك من سنة نبيه، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء، قال الله سبحانه {لَتُبَيّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}، واعلم أنّ أيسر ما ارتكبتَ وأخفّ ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم، وسهلت سبيل الغي، بدنوّك ممن لم يؤدّ حقا ولم يترك باطلا حين أدناك، اتخذوك قطبا تدور عليك رحى باطلهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلائهم، وسلما يصعدون فيك إلى ضلالهم، يُدخلون الشكّ بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خرّبوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك، فما يؤمِنك أن تكون ممن قال الله فيهم {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة واتبعوا الشهوات فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً}؟!،  فإنك تعامِل من لا يجهَل، ويحفظ عليك من لا يغفـُل، فداوِ دينك فقد دخله سقم، وهيئ زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء، والسلام”].

قال مقيده عفا الله عنه: إذا كان قد قيل هذا فيمن يخالط أولئك فما حال الذين يخالطون المجرمين الفجرة في زماننا ويزينون لهم ما هم عليه من البطش والفجور؟!.

نسأل الله السلامة.

وكتبه صلاح الدين الإدلبي.


علق أحدهم فقال : واسانيد كثيرة تمر عبر الزهري…. يا ستار.
فعقب آخر قائلا: قال أحمد بن حنبل: أصح الأسانيد الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه ، فهو من العلماء الثقات .


 

فأجاب الشيخ على الأخوين قائلا:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ههنا أمران اثنان
الأول أنها حكاية بدون إسناد أصلا فيؤخذ منها موطن العبرة فقط ومن الممكن أن نبهم الاسم إذا كان الفهم محدودا لهذه الدرجة
من أراد أن يتكلم في الإمام الزهري رحمه الله بمثل هذه الحكاية فسنقول له أثبت الإسناد ثم تكلم وهذه حكاية بلا إسناد

الثاني أن أي عالم من العلماء يدخل على الحكام الظالمين فله حالتان
إما أن يزين لهم ما هم عليه من الباطل والظلم وقد يكذب في العلم من أجل دنياهم، وهذا ما يفعله من يبيع دينه بدنيا غيره، والإمام الزهري وسائر العلماء الثقات الورعين لا يخطر هذا منهم على بال
وإما أن يدخل عليهم للنصح وإظهار الحق وتخويفهم من عذاب الله تعالى إن حصل منهم انحراف عن منهج الحق، فهذا هو ما كان عليه الإمام الزهري وأمثاله
ويكفيك أن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله هو أحد من يوثقون الزهري ويروون عنه الحديث
بقيت نقطة أخرى وهي أن علماء السلف الصالح منهم من كان يوازن بين المصالح والمفاسد وإذا رأى المصلحة في الدخول على أولئك الحكام فإنه يدخل عليهم لتحقيق المصلحة ودرء المفسدة أو التقليل منها
ومنهم من كان يرى عدم الدخول على أولئك الحكام أصلا
ولكل وجهة
ولكن الذي ينبغي معرفته هو أن العلماء الصالحين الثقات ما كانوا مستعدين للدخول على ظالم على حساب دينهم ولا للتفريط بدينهم من أجل الثناء على الظالمين وتسويغ أفعالهم
والفرق كبير وشاسع وشتان بين هذا وذاك