الرواية يتبع : شبهة عن أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يحك المعوذتين

شبهة عن أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يحك المعوذتين

قال الأخ المعترض على المحدثين: [ إذا قال أحد في عصرنا أن القرءان به سور زائدة ليست منه أو نقص آيات أو به كلمات زائدة وتوفي النبي وجمع القرءان بهذه الزيادة أو النقص سنتهمه بالكذب والكفر، وإن قلنا ان هذا قول البخاري سيقولون رضي الله عنه ؟!! ولن يكذبوه بل ولبحثوا كيف يثبتون صحة أحاديثه ولو كذَّبوا الله ورسوله.

روى البخاري حديث رقم:4977 عن أبي بن كعب قال حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، وحدثنا عاصم، عن زر، قال: سألت أبي بن كعب، قلت: يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول «كذا وكذا»، فقال أبَي: سألت رسول الله فقال لي: «قيل لي فقلت» قال: فنحن نقول كما قال رسول الله. وقارئ الحديث لن يفهم معنى «كذا وكذا» ولا «قيل لي فقلت» الا بعد أن يقرأ الحديث التالي:

روى البخاري حديث رقم:4976 … قال سألت أبي بن كعب عن المعوذتين؟ فقال: سألت رسول الله فقال: «قيل لي فقلت» فنحن نقول كما قال رسول الله. ولكن مازال ليس مفهوما ما الذي قاله عبد الله بن مسعود، والحديث التالي يوضح الموضوع كله:

روى ابن حبان حديث رقم:4429 … قال لقيت أبي بن كعب فقلت له: إن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول: إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه. قال أبَي: قيل لرسول الله عليه السلام فقال لنا فنحن نقول …

والبخاري يمجد في عبد الله بن مسعود فيقولون إن النبي عليه السلام حدد أربعة يؤخذ منهم القرءان أولهم عبد الله بن مسعود وآخرهم ابي بن كعب روى البخاري حديث رقم:3808 عن عبد الله بن عمرو: ذُكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو، فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه، سمعت النبي ﷺ يقول: خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب. روى البخاري حديث رقم:5002 ومسلم حديث رقم:2463 عن عبد الله بن مسعود: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه. فنجد أن النبي زكَّى عبد الله بن مسعود وحدده أول من يؤخذ منه القرءان، ونجد أن عبد الله بن مسعود زكَّى نفسه فقال عن نفسه “ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه”. ولنستعرض الأحاديث الخاصة بالموضوع: البخاري وابن حبان ومن رويا عنهما قبل عبد الله بن مسعود يتهمون عبد الله بن مسعود انه قال “ان المعوذتين ليستا من القرءان”، فالأحاديث عاليه تبين أن البخاري وابن حبان يشككون بل يقطعون ان المعوذتين ليستا من القرءان، ونعلم قول الحق تبارك وتعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} الحجر:9 ونحن نطلب من التراثيين الإجابة على هذه الأسئلة دون الاتهام اننا نسرقها من الملاحدة والشيعة والنصارى فهذه ليست ردود على ما يسمونه شبهة، وكل قارئ منصف له عقل سيجد أن من وضع الشبهة هو البخاري وابن حبان وليس أحد غيرهما.  1- هل حفظ الله كتابه أم لا؟؟

2- وإن كان حفظ كتابه فهل المعوذتان من القرءان أم لا ؟؟

3- وإن كانت المعوذتان من القرءان فهل البخاري وابن حبان ورواتهما قبل ابن مسعود كذبوا على ابن مسعود أم لا؟؟

4- وإن كان الرواة لم يكذبوا على ابن مسعود فهل كذب ابن مسعود على الله ورسوله وقال ما قال وأصبحت تزكية النبي له ليست في محلها؟؟. ونأتي لأبي بن كعب ونكرر ذات الأسئلة ونضيف عليها

1- لماذا لم ينكر أبي بن كعب كلام ابن مسعود ويقول مباشرة أن المعوذتين من القرءان؟؟

2- ولماذا سأل النبيَّ عنهما إن كان يعلم انهما من القرءان ؟؟

3- ولماذا كان رد النبي قيل لي فقلت ولم يقطع بأنهما من القرءان من عدمه ؟؟

4- وهل النبي كان لا يعرف ما ينزل عليه إن كان قرءان أم لا ؟؟

5- وما فائدة هذه الأحاديث التي تهدم الأساس الوحيد من الدين وهو القرءان الكريم؟؟

  1. لو كان ابن مسعود وهم ان المعوذتين دعاء وليستا من القرءان لماذا لم نر حديثا بالبخاري يوضح ان ابن مسعود رجع عن خطئه ؟ ومن يزعم ان ابن مسعود ظن ان المعوذتين دعاء من اين اتي بهذا الزعم؟، ويكذب مسلمٌ البخاريَّ في حديث رقم:814 عن عقبة بن عامر قال لي رسول الله أنزل، أو أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط المعوذتين. أخيرا نحن نقطع أن المعوذتين من القرءان، ونومن بأن الله حافظ كتابه، فليس أمامنا الا أن نقول كذب البخاري وكل رواته، وصدق الله ورسوله، فهل يرد أحد دون شتم وسب وتحقير وتوزيع البذاءات دون أن يجيب عن هذه الأسئلة بحجة انه اجيب عنها قبل ذلك تحياتي

اتقوا الله أيها التراثيون!!!

Soudi A Soudi A Soudi ].

 

رد الشيخ صلاح الدين الإدلبي حفظه الله تعالى:

أقول:

أيها الأخ الكريم المتعجل في الاعتراض على المحدثين حفظك الله:

ـ القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، وقد تكفل جل وعلا بحفظه، فليس فيه زيادة ولا نقصان ولا تغيير.

ـ لم يقل الإمام البخاري رحمه الله ورضي الله عنه إن في القرآن زيادة أو نقصا أو تغييرا.

ـ عبد الله بن مسعود وأبَي بن كعب رضي الله عنهما هما من الصحابة الذين زكَّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما ممن يُؤخذ عنهم القرآن.

ـ الإمامان البخاري وابن حبان رحمهما الله لا يشكان ولا يشككان في أن المعوذتين هما سورتان من القرآن.

ـ ربنا جل جلاله قد تكفل بحفظ كتابه الكريم قطعا، والمعوذتان سورتان من القرآن قطعا.

ـ الإمامان البخاري وابن حبان والرواة الذين رووا عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لم يكذبوا على ابن مسعود، ولم يكذب ابن مسعود على الله ورسوله.

ـ تزكية النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود ولأبَي بن كعب رضي الله عنهما هي في محلها، لا شك في ذلك.

ـ لا يوجد في تلك الرواية تصريح ولا إلماح إلى ما قاله أبي بن كعب عندما سمع قول ابن مسعود، فلا يصح لأحد أن يقول إن أبَي بن كعب لم ينكر عليه دون أن يقدم دليلا على ذلك.

ـ ولا يوجد في تلك الرواية تصريح ولا إلماح إلى أن أبَي بن كعب سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين بعدما سمع قول ابن مسعود، فلا يصح لأحد أن يقول لمَ سأل أبَيُّ بن كعب النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين إن كان يعلم أنهما من القرءان، ولا ما الذي كان رد النبي صلى الله عليه وسلم عليه، ولا أن يفترض افتراضا دون أن يكون عنده دليل عليه.

ـ رواية هذا الحديث في كتابٍ موضوعُه المرويات دون إشارة إلى تصحيح القول به: لا تهدم شيئا من الدين.

ـ لم يكذب الإمامُ مسلمٌ الإمامَ البخاريَّ رحمهما الله إذ روى في صحيحه حديث عقبة بن عامر أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “أُنزلت علي آيات لم يُرَ مثلهن قط، المعوذتين”.

ـ أنا معك في قولك “نحن نقطع أن المعوذتين من القرآن، ونؤمن بأن الله حافظ كتابه، وصدق الله ورسوله”.

أيها الأخ الكريم:

كتاب الجامع الصحيح للإمام البخاري رحمه الله موضوعه هو أن يقدم مجموعة من المرويات الحديثية التي وصلته بإسناد صحيح عنده، وكل رواية بإسنادها، وقد يشير إشارات دقيقة جدا إلى تصحيح رواية أو إعلالها.

فلا يصح أن نقول عن كل رواية رواها البخاري في الجامع الصحيح إنه يصححها ويقول بها إلا إذا وجدنا إشارة منه إلى ذلك.

وأنت ترى هنا إشارة واضحة منه جدا إلى عدم قبوله لذلك القول المروي عن ابن مسعود، لأنه لم يرو في صحيحه الرواية المصرحة بأنه كان يحك المعوذتين من المصحف، ويمكنك أن تعود إلى نص روايتَيْ هذا الحديث في صحيح البخاري واللتين نقلتَهما أنت في كلامك.

ـ أما مسألة حك ابن مسعود رضي الله عنه للمعوذتين من مصحفه فكنتُ قد كتبتُ فيها بحثا صغيرا في أوائل شهر رمضان الذي قبل الماضي، فأحب أن أنقل لك هنا ما كتبته في خاتمة ذلك المبحث، وفيه إن شاء الله الجواب عن التساؤلات الواردة.

وهذا ما قلته فيه: [ يبدو لي ـ بعد تأمل طويل وتفكر عميق ـ أن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه ربما حصل له شيء من النسيان والتغير في آخر عمره، فوقع منه هذا، والظاهر أن تلاميذه الآخذين عنه شعروا بذلك، ولذا فإنهم استمروا على إثبات هاتين السورتين في المصحف الشريف ولم يحكَّهما أي واحد منهم من مصحفه، واستمروا على إقرائهم المصحفَ وفيه السورتان لمَن بعدهم بالرواية عن ابن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم. من المقطوع به أن أي صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معصوما من مثل هذا، لكنْ هل هذا يقدح في صحة نقل القرآن الكريم؟، والجواب المقطوع به أنه ليس بقادح البتة، لأن نقل القرآن ليس عن طريق صحابي واحد نخشى من أنه نسي أو وهِم، ولكنه نقل جماعة كبيرة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا المصحف الشريف هو الذي اتفق على نقله كما وصل إلينا عامة المسلمين من كافة الطوائف جيلا عن جيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أهل السنة والمعتزلة والشيعة الزيدية والإباضية وطائفة من كبار علماء الشيعة الإمامية، كل هؤلاء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم في الاعتقاد والفقه والتاريخ مجْمعون على صحة نقل القرآن الكريم وتواتره عند كل طوائفهم، وقالت طائفة من الشيعة الإمامية بأن في نقله تحريفا!، وأنه من نقل أهل السنة!، وهذا خطأ واضح، إذ لو كان كذلك لما أقره المعتزلة والشيعة الزيدية والإباضية وطائفة من كبار علماء الشيعة الإمامية أنفسهم، وهؤلاء ليسوا من طائفة أهل السنة، وليسوا من المجاملين لأهل السنة. كل أولئك كتبوه في المصاحف، وحفظوه في الصدور، وتلَوْه آناء الليل وأطراف النهار في صلاتهم وتهجدهم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات].

وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 19/ 11/ 1442، الموافق لـ 29 حزيران جون 2021 ، والحمد لله رب العالمين.