نبذة هل للعالم أن يعمل بما في الحديث الصحيح إذا لم يعمل به إمامه؟
قال الفقيه الشافعي ابن الصلاح المتوفى سنة 643 رحمه الله في فتاويه: “مَن وجد من الشافعيين حديثا يخالف مذهبه نظِر، فإن كَمَلت آلات الاجتهاد فيه إما مطلقا وإما في ذلك الباب أو في تلك المسألة كان له الاستقلال بالعمل بذلك الحديث، وإن لم تكْمُل فيه ووجد في قلبه حزازة من مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفه عنه جوابا شافيا فلينظر هل عمل بذلك الحديث إمام مستقل؟، فإن وجد فله أن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث، ويكون هذا عذرا له في ترك مذهب إمامه في ذلك”.
ونقله الإمام النووي المتوفى سنة 676 رحمه الله في مقدمة كتابه المجموع في شرح المهذب وقال: “هذا الذي قاله حسن متعين”.
ونقله كذلك الإمام تقي الدين السبكي المتوفى سنة 756 رحمه الله في كتابه معنى قول الإمام المطلبي وقال: “سكت ابن الصلاح عن القسم الآخَر، وهو أن لا يجد مَن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث، وكأنه لأن ذلك إنما يكون حيث يكون إجماع، ولكن قد يعرِض مع الاختلاف، وقد يعرِض في مسألة لا نقل فيها عن غير الشافعي، فماذا يصنع؟، والأولى عندي اتباع الحديث، وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمع ذلك منه أيسعُه التأخرُ عن العمل به؟، لا والله، وكل أحد مكلف بحسب فهمه”.
أقول:
لا شك في أن مثل هذا ليس لكل أحد من الناس، عالِمِهم وجاهلهم، لكنه لمن تضلع في الفقه وفي أصول الفقه من أهل العلم خاصة.
قول الإمام السبكي “أن لا يجد مَن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث” أي أن لا يجد الواقفُ على حديث يخالف المذهب إماما قائلا به كي يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث.
بعض المتعالمين اليوم يسمون مثل هذا النهج الذي انتهجه هؤلاء الأئمة الأعلام جهلا، ويرون أنه من غير سبيل المؤمنين!.
أما أنا فقد وافق فهْمي فهْمَ هؤلاء الأئمة رحمهم الله وأعلى مقامهم، وأرى أن هذا هو الحق الواجب الاتباع، وقد قال الإمام السبكي في كلمته السابقة “كلُّ أحدٍ مكلف بحسب فهمه”.