حديث اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا

حديث اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا

بعون الله أبتدئ، وإياه أستكفي، وما توفيقي إلا بالله جل جلاله.

رُوي هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة، منهم عائشة وأم سلمة وعمر بن أبي سلمة وواثلة بن الأسقع وعبد الله بن عباس:

ـ فأما حديث عائشة فرواه مسلم وابن أبي شيبة وابن راهويه والطبري في التفسير من طريقين عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن عمة أبيه صفية بنت شيبة أنها قالت: قالت عائشة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. [زكريا بن أبي زائدة كوفي صدوق ثقة قد يدلس الإسناد مات سنة 148. مصعب بن شيبة مكي، وثقه ابن معين والعجلي، وضعفه جماعة، فهو صدوق فيه لين. صفية بنت شيبة ذكرها ابن حبان في الثقات]. فهذا إسناد لين، لكنه صحيح بشواهده.

ـ وأما حديث أم سلمة فرواه الطبري في التفسير والطبراني في المعجم الكبير وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة أنها قالت: لما نزلت هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فجلل عليهم كساء خيبريا، فقال: “اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا”. قالت أم سلمة: ألستُ منهم؟!. قال: أنت إلى خير. [عطية بن سعد العوفي كوفي ضعيف مات سنة 111]. فهذا الطريق ضعيف.

ورواه ابن حنبل والترمذي وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير والطبري في التفسير وأبو يعلى والطحاوي في مشكل الآثار وابن الأعرابي في معجمه والطبراني في المعجم الكبير والآجري وأبو أحمد الحاكم في فوائده من طرق عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل على علي وحسن وحسين وفاطمة كساء ثم قال: “اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا”. قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله، أنا منهم؟. قال: “إنك إلى خير”. [شهر بن حوشب شامي حمصي لين مات سنة 100 تقريبا]. فهذا الطريق لين.

ورواه الحاكم عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن العباس بن محمد الدوري عن عثمان بن عمر عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن أم سلمة. [أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم نيسابوري ثقة مات سنة 346. العباس بن محمد الدوري بغدادي ثقة مات سنة 271. عثمان بن عمر بن فارس بصري ثقة مات سنة 209. عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار مدني صدوق فيه لين مات قرابة سنة 165. شريك بن عبد الله بن أبي نمر مدني ثقة فيه لين مات سنة 144. عطاء بن يسار مدني ثقة مات سنة 103]. فهذا الطريق لين.

ورواه ابن حنبل عن عبد الله بن نمير عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عمن سمع أم سلمة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم. [عبد الله بن نمير كوفي ثقة. عبد الملك بن أبي سليمان كوفي ثقة فيه لين مات سنة 145. عطاء بن أبي رباح مكي ثقة]. والراوي الذي نقل الحديث من أم سلمة إلى عطاء بن أبي رباح مبهم، فهذا الطريق ضعيف.

فحديث أم سلمة باجتماع طرقه لا ينزل عن رتبة الحسن، ويحتمِل أن يكون الراوي المبهم هو عمرَ بن أبي سلمة، كما في الفقرة التالية.

ـ وأما حديث عمر بن أبي سلمة فرواه الترمذي والطبري في التفسير والطحاوي في شرح مشكل الآثار والطبراني في المعجم الكبير من طرق عن محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن يحيى بن عبيد المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم. [محمد بن سليمان بن الأصبهاني كوفي لين مات سنة 181. يحيى بن عبيد المكي ذكره ابن حبان في الثقات]. فهذا السند ضعيف، وقد ثبت عن عطاء بن أبي رباح أنه روى هذا الحديث عمن سمع أم سلمة عن أم سلمة، فلعله سمعه من ابنها عمر عن أمه رضي الله عنه وعنها.

ـ وأما حديث واثلة بن الأسقع فرواه ابن حنبل في المسند وفي فضائل الصحابة وابن أبي شيبة والطبري في التفسير وابن حبان والحاكم من طرق عن الأوزاعي عن شداد بن عبد الله أبي عمار أنه قال: دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم، فذكروا عليا، فلما قاموا قال لي: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!. قلت: بلى. قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله تعالى عنهم، آخذ كل واحد منهما بيده، حتى دخل، فأدنى عليا وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه كساء، ثم تلا هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، وقال: ” اللهم هؤلاء أهل بيتي”. [الأوزاعي ثقة إمام. شداد بن عبد الله أبو عمار دمشقي صدوق ثقة قد يرسل الإسناد، وقد صرح هنا باللقاء والسماع]. فهذا إسناد صحيح.

ورواه الطبراني في الكبير من طريق عبد السلام بن حرب عن كلثوم بن زياد عن أبي عمار به، وفيه متابعة وتأكيد.

ـ وأما حديث ابن عباس فرواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة والنسائي في الكبرى عن محمد بن المثنى عن يحيى بن حماد عن أبو عوانة عن يحيى بن سُليم أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. [محمد بن المثنى ويحيى بن حماد وأبو عوانة ثقات. يحيى بن سُليم أبو بلج كوفي صدوق ثقة فيه لين مات قرابة سنة 125. عمرو بن ميمون كوفي ثقة مات سنة 74]. فهذا إسناد فيه لين.

ـ تتميم:

يظن بعض الناس أن أصل هذا الحديث قد ورد في العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه وفي بنيه، وهذا هو الحديث المشار إليه:

روى الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في معرفة الصحابة وابن عساكر من طريق مروان بن ضرار الفزاري، وابنُ قانع في معجم الصحابة من طريق عبد الملك بن محمد الأسلمي، كلاهما عن عبد الرحمن بن الحكم بن البراء بن قبيصة الثقفي عن أبيه عن عامر بن عبد الأسد العبقسي عن عبد الله بن الغسيل أنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمر بالعباس، فقال: “يا عم، اتبعني ببنيك”. فانطلق بستة من بنيه: الفضل وعبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وقثم ومعبد، فأدخلهم النبي صلى الله عليه وسلم بيتا، وغطاهم بشملةٍ له سوداءَ مخططةٍ بحمرة، وقال: “اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي، فاسترهم من النار كما سترتُهم بهذه الشملة”.

[عبد الرحمن بن الحكم بن البراء بن قبيصة لم أجد له ترجمة. والده الحكم بن البراء بن قبيصة لم أجد له ترجمة. عامر بن عبد الأسد العبقسي: قال أبو نعيم في معرفة الصحابة: يُعد في أعراب البصرة. عبد الله بن الغسيل: مجهول، أو هو عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاري، لأن أباه حنظلة قتِل يوم أحد فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الملائكة تغسله”، فقيل لابنه ابن الغسيل، وله صحبة]. فهذا الإسناد تالف جدا، فيه ثلاثة مجاهيل. والظاهر أن هذا موضوع.

ـ الخلاصة:

حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل على علي وحسن وحسين وفاطمة كساء وقال “هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا” مروي عن جماعة من الصحابة، وهو حديث صحيح.

وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 26/ 5/ 1440، الموافق 1/ 2/ 2019، والحمد لله رب العالمين.