* من روائع الإمام البخاري رحمه الله: – 11 –
روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق عبد الرزاق عن معْمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أرسِل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه صكه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت؟!. فرد الله عليه عينه وقال: ارجع فقل له يضع يده على متن ثور فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب، ثم ماذا؟. قال: ثم الموت. قال: فالآن. فسأل اللهَ أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فلو كنتُ ثَم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر”.
رواه في باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة هكذا موقوفا من قول أبي هريرة ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم سوى الجزء المرفوع في آخر الحديث، ورواه كذلك في باب وفاة موسى عليه السلام، وعقب عليه في الموضع الثاني بقوله: [قال: وأخبرنا معْمر عن همَّام قال حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه]. أي إن عبد الرزاق بن همَّام راوي الرواية الموقوفة عن معْمر رواها كذلك عنه عن همَّام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الرواية المرفوعة من طريق همَّام بن منبه عن أبي هريرة رواها ابن حنبل في مسنده ومسلم وابن حبان في صحيحيهما، وهي معروفة مشهورة من صحيفة همام بن منبه، وقد روى البخاري في صحيحه عشرات الأحاديث المسندة من هذه الصحيفة.
فعدوله ـ وهو الإمام الحافظ الناقد ـ عن سياقتها مساق الروايات المسندة واكتفاؤه بسياقة الرواية الموقوفة مع ذكر إسناد المرفوعة دون المتن في ذيل رواية أخرى دليل واضح على أنه يصحح الرواية الموقوفة هنا ويعل المرفوعة.
ومن كان في شك من هذا فليقرأ ـ متكرما ـ كتاب منهج الإمامين البخاري ومسلم في إعلال المرويات الحديثية.
ـ وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 8/ 4/ 1440، الموافق 16/ 11/ 2018، والحمد لله رب العالمين.