* من روائع الإمام البخاري رحمه الله: – 12 –
ـ روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه قال: كنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما غربت الشمس قال لرجل: “انزل فاجدحْ لنا”. قال: يا رسول الله، لو أمسيت!. ثم قال: “انزل فاجدح”. قال: يا رسول الله، لو أمسيت!، إن عليك نهارا. ثم قال: “انزل فاجدح”. فنزل فجدح له، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أومأ بيده إلى المشرق وقال: “إذا غابت الشمس من ههنا وأقبل الليل من ههنا فقد أفطر الصائم”. رواها في باب متى يحل فطر الصائم، وفي باب تعجيل الإفطار.
هذه الرواية رواها البخاري ومسلم من خمسة طرق عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى، وفيها “فلما غربت الشمس”، وهذا يعني أن الشمس كانت قد غابت وأن ذلك الرجل الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل فيجدح لهم إنما أراد الانتظار بعد غياب قرص الشمس لمزيد التحقق من الغروب، وذلك بسبب بقاء شيء من ضوء النهار، حتى أعْلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن الأفضل تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب وإقبال الليل من الجهة المقابلة وإن كان قد بقي شيء من ضوء النهار.
ـ ورواه البخاري من طريق سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال لرجل: “انزل فاجدحْ لي”. قال: يا رسول الله، الشمس!. قال: “انزل فاجدح لي”. قال: يا رسول الله، الشمس!. قال: “انزل فاجدح لي”. فنزل فجدح له، فشرب، ثم رمى بيده ههنا، ثم قال: “إذا رأيتم الليل أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم”.
في هذه الرواية أن الرجل كان ما يزال يرى شيئا من قرص الشمس، وليس فيها أن الشمس كانت قد غربت، فهي من باب الخطأ الواضح، وقد أشار البخاري رحمه الله إلى إعلالها حيث رواها في باب الصوم في السفر والإفطار ولم يروها في أحد البابين اللذين روى فيهما الرواية الصحيحة.
ـ وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 9/ 4/ 1440، الموافق 17/ 11/ 2018، والحمد لله رب العالمين.