هل يصح أن نعلم العقيدة دون المقدمات الكلامية؟
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله سعادة الشيخ صلاح الدين. حفظكم الله وبارك في سعيكم للإسلام.. لدي سؤلات..
وصل الإسلام إلى الجاوة في إندونيسيا منذ الزمان واعتنق أهلها عقائد الإسلام على طريقة الأشاعرة. وحتى الآن لا تزال كثيرة من مراكز الدروس الإسلامية باقية على هذه الطريقة في تعليم طلبتها العقيدة. كذلك العوام يتلقونها في المساجد.
إلا أن لدى العوام -وربما بعض الطلبة أيضا- نفورا أثناء متابعتهم لبعض القضايا العقدية التي يتدخلها المسائل العقلية -لو صح التعبير-. يبدو أن تفهمها يشق عليهم ويقع بعيدا عن توقعاتهم مع أنهم أخبروا بأن عقائد الإسلام عقائد بسيطة يستطيع تفهمها كل ناس.
فمثلا -في أوائل بحث في العقائد- شكواهم من صعوبة تفهم ما هي الوجودية؟ وما السلبية؟ وما المعاني؟ وما المعنوية؟.. إلخ. فحصل الإعراض عن دروس العقيدة وبالتالي باقي قضاياها وفي رؤوسهم أن تفهم العقائد صعب.
فهل بإمكاننا تجاوز هذه ‘العقليات’ أثناء تناول العقائد وتعلمها بدون مرور بتلك العقليات؟ أم تفهم العقائد الإسلامية لمرهون بتلك العقليات؟؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
دخل الناس في دين الإسلام في كل مناطق العالم الإسلامي عندما دعاهم العلماء والدعاة بالأدلة العقلية السهلة من النظر في خلق الإنسان والمنافع المبثوثة وفي النظر في آفاق السماوات والأرض
وكذلك مَن قبلهم في القرون المفضلة
الاستدلالات الكلامية ليست أدلة عقلية وبينها وبين الأدلة العقلية فرق كبير جدا، وهي مجرد طريقة عقيمة لرد كلام الخصم وتخطئته للرد والرد المضاد إذا كان الخصم على طريقة فلاسفة علم الكلام اليونانيين
لقد حذر إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني المتوفى سنة 478 والإمام أبو حامد الغزالي المتوفى سنة 505 والإمام فخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 رحمهم الله كل واحد في آخر عمره من علم الكلام وأعلن توبته منه، ولكن الأشاعرة بعدهم مع الأسف الشديد بقوا مستمسكين بعلم الكلام، وهو كالسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا
ظن الأشاعرة بعد أولئك الأئمة أن ما حذروا منه هو استعمال تلك الاستدلالات لنقض عقائد الدين وأن استخدامها لنصرة الدين هو أمر محمود
ومن وقف على كلام أولئك الأئمة وجدهم يصرحون بإبطال هذا الفهم
ينبغي أن يكون علم الكلام محصورا في زاوية ضيقة جدا جدا جدا للرد على من يستخدم علم الكلام للتشويه بهذا العلم الفاسد فيكون رد الفاسد بالفاسد
يا عباد الله
اتركوا علم الكلام واهجروه ونقوا كتب العلوم الشرعية منه وخاصة علم العقيدة
أتمنى أن تتطلعوا على بحث صغير كتبه أخوكم الصغير بعنوان “علم الكلام في حوار هادئ” ثم تنطلقوا إلى تقرير الحقائق الإيمانية بالأدلة العقلية الواردة في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة وليس بالاستدلالات الكلامية
يا عباد الله
يا علماء الأشاعرة والماتريدية
خسرتم بسبب تمسكم بعلم الكلام الكثير الكثير الكثير وما زلتم تخسرون كل يوم
ارجعوا إلى ما نصحكم به إمام الحرمين والإمام الغزالي والإمام فخر الدين الرازي فالساحة واسعة والفرص كبيرة وإذا عدتم للحق والرشد فسترون أن الله جل وعلا يفتح لكم به من لدنه فتحا مبينا إن شاء الله
حفظكم المولى بحفظه وجعلكم هداة مهتدين