مِن حركات الردة الحديثة
مِن حركات الارتداد عن دين الإسلام: أن يخرج اليومَ رجلٌ فيقولَ إن الأمة كلها قد أجمعت على الضلال من زمن أصحاب النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فمَن بعدهم، ظنا من هذا القائل أنه أعلمُ بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم، فما أعظم هذه الجراءة!. قال الله عز وجل في كتابه الكريم {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبعْ غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}.
من ذلك قول بعضهم اليوم إن الأمة الإسلامية من زمن الصحابة الكرام رضي الله عنهم إلى زمننا هذا قد ضلوا في معرفة وقت صوم الفريضة الذي هو شهر رمضان، إذ يرى هذا القائل أنه لا يصح أن يأتي شهر رمضان في كل فصول السنة، في الشتاء وفي الربيع وفي الصيف وفي الخريف، ويريد أن يكون رمضان متزامنا مع وقت محدد من السنة الشمسية بإضافة شهر لكل ثلاث سنوات قمرية، وبهذا تمشي السنة القمرية مع السنة الشمسية في وقت واحد!، وهذا ما يمشي عليه اليهود في تقويمهم القمري بحيث يمشي مع التقويم الشمسي.
من الغريب أن يربط هذا القائل هذه المسألة بمسألة النسيء، ولا علاقة لواحدة منهما بالأخرى.
قال الله تعالى {إنما النسيء زيادة في الكفر يُضَل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله}، والذي يفسر آيات القرآن بهواه معْرضا عن الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه في ضلال.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حُرُم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب شهر مضر الذى بين جُمادى وشعبان”. النسيء التأخير، وكان العرب في الجاهلية يحرمون القتال في الأشهر الحُرُم، وهذا مما كانوا يتوارثونه من شريعة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانوا أصحاب حروب وغارات، فربما شق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغِيرون فيها، فإذا أرادوا استحلال القتال والإغارة في شهر المحرم أنسؤوه، أي أخروه، وربما قدَّموا شهرا آخر مكانه، وربما انتقلوا من شهر إلى آخر، حتى اختلط الأمر عليهم، فصادفت حجة النبي صلى الله عليه وسلم الصواب الذي كانت عليه الشهور، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الاستدارة صادفت في تلك السنة حكْمَ الله سبحانه في الشهور يوم خلق الله السماوات والأرض.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه أن السنة اثنا عشر شهرا، ويريد ذلك القائل أن نجعل السنة اثني عشر شهرا مرتين ونزيدها في السنة الثالثة شهرا فتصبح تلك السنة ثلاثة عشر شهرا!!، بخلاف حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وما أجمعت عليه الأمة، فما أجرأه على أحكام الله.
لكن الأمة بفضل الله تعالى ستبقى على النهج الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وسائر الأمة من بعدهم إن شاء الله، فنسأل الله التوفيق والثبات على الحق.