حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة
ـ روى البخاري ومسلم من طريقين عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: سمعت ابن عباس قال: لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت دعا فى نواحيه كلها، ولم يصل حتى خرج منه، فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال “هذه القبلة”. وجاء في رواية صحيح مسلم التصريح بسماع ابن جريج له من عطاء، وأن ابن عباس سمع هذا من أسامة بن زيد.
ورواه مسلم كذلك من طريق همام بن يحيى عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وفيها ست سوار، فقام عند سارية فدعا، ولم يصل.
ورواه البخاري من طريقين عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت فكبر في نواحيه، وخرج ولم يصل فيه.
ـ وروى البخاري ومسلم عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول من ولج، فلقيت بلالا، فسألته هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، بين العمودين اليمانيين.
ورواه البخاري من طريق مجاهد عن ابن عمر به نحوه.
ورواه البخاري ومسلم من طرق كثيرة عن نافع عن ابن عمر به نحوه.
ـ فبين حديثي ابن عباس وابن عمر تعارض واضح:
فأما البخاري فلم يترك الروايات دون ترجيح، فروى حديث ابن عباس في باب قوله تعالى {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}، وفي باب من كبر في نواحي البيت، وفي باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح، وروى حديث ابن عمر في أبواب كثيرة منها “باب الصلاة في الكعبة”، وهو واضح كل الوضوح في أنه يرجح حديث ابن عمر هنا على حديث ابن عباس، لأنه رواه في الباب المناسب لهذا الجزء من الحديث، وهو الاختلاف فيما إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى في البيت يوم الفتح أو لا.
وأما مسلم فبدأ بروايات حديث ابن عمر ثم أتبعها بروايات حديث ابن عباس، ومن طريقته أنه يقدم الروايات الثابتة ويؤخر الروايات التي وقع فيها خلل.
فتبين بهذا أن الإمامين البخاري ومسلم اللذين رويا الحديثين كليهما لم يكونا غافلين عن التمييز بين الرواية الصحيحة والرواية التي وقع فيها خلل.
وكتبه صلاح الدين الإدلبي في 3/ 2/ 1436، الموافق 25/ 11/ 2014، والحمد لله رب العالمين.